الثلاثاء، 20 يناير 2009



رسالة إلى الرئيس أوباما من مواطن أمريكى عذب مع ابنه القاصر فى مراكز الإعتقال المصرية وتواطأ النظامان فى مصر وأمريكا على إخفاء الأدلة ..

20 يناير 2009


السيد الرئيس أوباما ، بعد التحية ..

إسمى رائف الويشى ، مواطن أمريكى من أصل مصرى ومتزوج من أمريكية ولنا ثلاثة أطفال ، هم سالم وسلمى وسليمة ..
اليوم هو 20 يناير 2009 ، إنه اليوم الأول لكم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية وآمل أن يكون اليوم الأول لكم أيضا فى تأسيس العدل بين الشعوب .. إننى أزعم أن المظلومين حول العالم هم أسعد الناس بما حدث فى 4 نوفمبر 2008 .. ما حدث فى هذا اليوم يمثل لهم المستحيل ويجدد الأمل عندهم بتحقيق المستحيل الآخر الذى ينتظرونه ، إنه العدل !

كنت قد أرسلت لكم عدة رسائل من مصر فى صيف 2007 طلبت فيها تدخلكم بسبب ما كنت أتعرض له من انتهاكات صارخة على أيدى أجهزة الأمن المصرية ، وقد تلقيت منكم ثلاث رسائل كان لها عظيم الأثر فى كشف أشياء لم يكن عندى الدليل المادى على إثباتها رغم شعورى بوجودها منذ فترة طويلة .. كما تلقيت أيضا رسائل من بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى ، كانت جميعها تعبر عن انزعاج وقلق لما يحدث لى ولأسرتى فى مصر من انتهاكات لحقوقنا الإنسانية..

لقد رفضت العمل مع جهاز الأمن المصرى عندما كنت أعمل فى مدينة نيويورك ، وعندما عدت إلى مصر مع أسرتى تعرضت على مراحل عدة إلى انتهاكات لحقوقى الإنسانية ، بدأت بالاستدعاء عدة مرات إلى مقرات الأجهزة الأمنية ثم المراقبة فالتحرش فالاعتقال ثم التعذيب الوحشى ..
كان الأكثر ألما فى تلك المراحل هو آخرها ، ليس فقط بسبب ما تعرضت فيها من تعذيب ولكن لأن ابنى القاصر ( 15 سنة ) كان قد شاركنى ألم التعذيب الوحشى عندما اعتقلوه معى فى مركز مباحث أمن الدولة بالقاهرة فى يونيه 2007 وكاد أن يفقد حياته بسبب ذلك ..

لقد تواطأت حكومتى الأمريكية مع نظام الطاغية الفاسد فى مصر عدة مرات فى انتهاك متعمد وفاضح لحقوقى وحقوق أسرتى الإنسانية .. كان أشد مراحل هذا التواطأ قسوة هى عند تعذيبنا فى حضور أربعة من موظفى السفارة ، ثم عند محاولة السفارة التخلص من مختلف الشهود ، تارة بكشف اسم أحدهم للأمن المصرى لترهيبه ، وثانية برفض مقابلة آخر ، وثالثة بإنكار السفارة أنها تسلمت شهادة من أحد معتقلى مبنى لاظوغلى الرهيب تؤكد حقيقة التعذيب الوحشى الذى تعرضت له مع طفلى القاصر داخل أقبيته ، وسوف أشرح تفصيلا ذلك ..

لم يكن ما تعرضت له وأسرتى فى مصر من ظلم هو الأول ، فقد سبقه ظلمان آخران دفعا بصورة مباشرة إلى ما تعرضت له فى مصر وذلك عندما كنت أعيش مع أسرتى فى الولايات المتحدة .. الأمر بهذه الصورة يحتاج إلى التوضيح :

أولا :
لقد قمت بإنقاذ طفلين من الموت المحقق عندما كنت أعمل فى أحد أشهر ناطحات العالم بمدينة نيويورك .. كان المكان مزدحما بالسائحين وسقطت من الحائط الملاصق للسقف قطعة رخام كبيرة .. وقفت بالمكان أبعد السائحين عنه ومر طفلان تحته فغطيتهما بجسدى وبدأت أبتعد بهما خارجه .. سقطت فى تلك اللحظات ثلاث قطع أخرى من الرخام على رأسى .. سقطت على الأرض فى إغماء ونزف رأسى بشدة لكن الطفلين خرجا سالميْن من تحتى دون إصابة .. أجبرتنى إصابتى على ترك عملى ومازلت أواجه ثلاثية من الصداع وآلام الرأس والدوار تحول دون عودتى إلى ممارسة حياتى بصورة طبيعية ..
تنصلت إدارة الناطحة من المسئولية على الرغم من أن ملاكها ضمن أغنى عشر عائلات فى أمريكا وكانوا سيدفعون حتما عدة ملايين من الدولارات فى حالة إصابة أو موت أحد الطفلين أو كلاهما ..
كان من سخريات القدر أننى قابلت مدير قسم الأمن بمكتب الناطحة قبل أسبوع من الحادث لإخباره بوجود ثغرة أمنية خطيرة بالمبنى وكان بمقدور إرهابى واحد أن ينفذ منها ويسبب دمارا شديدا بالناطحة ..
كنت عاملا بسيطا هناك ولم يكن من صميم عملى إنقاذ الطفلين وكان باستطاعتى الهروب من المكان كما فعل زملائى ، كما لم يكن أيضا من صميم عملى إخبار مدير قسم الأمن بتلك الثغرة الأمنية .. إننى أعتقد أن انقاذى للطفلين ومقابلتى لمدير قسم الأمن كانا أبسط التزاماتى الأخلاقية تجاه البلد الذى وفر لى سبل العيش فى أرضه ووجدت فيه زوجتى وولد فيه أبنائى الثلاثة ..
كان مدير قسم الأمن – وكان ضابطا متقاعدا – يستمع لى وقد بدت الصدمة على وجهه حيث وضع يده على فمه وفتح عينيه .. برر وجود تلك الثغرة بحداثته فى عمله الذى مضى عليه ستة أشهر ووعد بإغلاق تلك الثغرة على الفور بعد أن حصل منى على وعد بألا أتحدث مع أى شخص فى هذا الموضوع ..

فاجأنى " الضابط المتقاعد " عندما اعترف بأنه كان قد وضعنى تحت المراقبة منذ فترة ، رأيت الأسف فى وجهه عندما قال ذلك .. لقد كان نفس المكتب الذى رفض أفراده مقابلة زوجتى بعد أيام من الحادث أو حتى إعطائها صورة من تقرير ما حدث .. أما كيف حصلنا على هذا التقرير ، فقد أحضره أحد مدراء مكتب إدارة الناطحة إلى منزلى وأخذ وعدا منى بعدم ذكر اسمه لأنه - على حد قوله - قد " سرقه " من مكتب زميل له ..

ثانيا :
تلقيت أثر إصابتى معاشا أسبوعيا من شركة التأمين التى تعل لحساب الناطحة ، لكن الشركة قامت بعد فترة قصيرة بقطعه دون مبرر قانونى ولمدة تسعة أشهر .. كانت الشركة تعلم بمدى حاجتى لهذا المعاش لإطعام أسرتى ودفع الإيجار ، كان هدفهم هو دفعى إلى الحائط كى أقبل بنصف المبلغ ، نجحت خطتهم وقبلت بعد أن أقنعنى المحامى بذلك ! ( توقفت شركة التأمين عن دفع المعاش المخفض منذ عام 2004 ) ..
كان المبلغ الذى أتلقاه من الضمان الإجتماعى وكذلك المبلغ المخفض من شركة التأمين غير كافيين لكفالة أسرتى فى أمريكا بسبب ارتفاع مستوى المعيشة بها ، كما كانت قضيتى التى رفعتها بسبب إصابتى تأخذ وقتا كما أخبرنى بذلك المحامى فى نيويورك ..
إضطررت إزاء تلك الاوضاع إلى الرحيل إلى مصر مع أسرتى .. جاء موعد القضية وزعموا أن ما أعانيه كان نتيجة حادث آخر غير حادث الناطحة وبالتالى فهم غير ملتزمين تجاهى بأى مسئولية .. كان المثير أن المحامى الذى كان من المفروض أن يدافع عنى يقوم بإقناعى بضعف قضيتى ! .. لقد تعرضت إلى خديعة كبرى واستفادت عدة جهات من دمى ..

ثالثا :
كنت أعلم قبل مغادرتى إلى مصر بحجم المخاطر التى قد أتعرض له هناك نتيجة لرفضى العمل مع المخابرات المصرية فى نيويورك .. كان أمامى خياران ، إما العيش فى أمريكا بهذا المبلغ الضئيل وتعريض أسرتى للمخاطر أو الذهاب إلى مصر مع أسرتى رغم ما قد أتعرض له من نظام الطاغية الفاسد ..

قامت أجهزة الأمن المصرية باستدعائى عدة مرات بعد ثلاثة أشهر من مجيئى إلى القاهرة فى مقر أمن الدولة بالجيزة ، فى آخر تلك المرات نصحنى أحدهم بضرورة العودة إلى أمريكا إذا أردت العيش بسلام .. بدأت عقب ذلك مراقبتى ومضايقة أسرتى بمكالمات تليفونية فى النهار والليل دون أن يرد علها الطرف الآخر .. تركنا القاهرة وانتقلنا إلى إحدى المدن الجديدة لعلهم يتركوننا وشأننا فلحقوا بنا ، ثم توالت النكبات التالية :

1- بينما كنت أقترب مع زوجتى من مبنى السفارة الأمريكية لإستلام معاشى ، قام عدة أفراد من جهاز الأمن المصرى بتوقيفنا ، وضع أحدهم يده على جسد زوجتى بحجة التفتيش ، ولما اعترضت تعرضت إلى اعتداء منهم ..

2- طلبوا من الجيران مضايقتنا بزعم أننا جواسيس للأمريكيين .. كانت القمامة ترمى داخل حديقة المنزل ، وكانت بعض الأشجار تنزع من مكانها ، وكانت الحجارة ترمى على شبابيك غرف النوم فى جوف الليل مما كان يسبب هلعا لأطفالنا حيث كانوا يستيقظون وهم يبكون من جراء تلك الأصوات ، كنا فى أحيان كثيرة نضطر إلى النوم جميعا فى غرفة واحدة لحمايتهم .. لقد تأكد لنا ما فعله الجيران ضدنا عندما أخبرتنا واحدة منهم بذلك وكانت تفتخر وكأنها كانت تؤدى واجبا وطنيا مقدسا ، بلغ التحدى مداه عندما ذكرت اسم الضابط الذى كلفها بذلك ووعدها بالحماية .. قابلنا كل تلك الأفعال المؤسفة بالصبر لعدم وجود خيار آخر أمامنا ، فالعودة إلى أمريكا بعد ضياع صحتى بسبب الحادث تعنى تعريض أطفالى للجوع وانهيار أسرتى ..

3- قام بعض أفراد الشرطة - الذين حضروا بسيارة أمنية - بقرع باب منزلى فى الواحدة صباحا ، خرجت لهم لأعرف سببا لهذا الحضور المتأخر فى ليل الشتاء ، اتضح لى لى أنه كان فقط لغرض إحداث صدمة عصبية لنا ، وهو ما تحقق بالفعل حيث كانت زوجتى وأطفالى يبكون خوفا ورهبا ..

4- قامت سيارة شرطة بالمرور على منازل الجيران بحجة جمع معلوماتى عن زوجتى وأخبروهم بأنهم من بوليس الآداب .. إنها إحدى الطرق القذرة فى جهاز الأمن المصرى فى عهد الطاغية الفاسد ، عندما يريدون تحطيم شخصية ما ينشرون شائعات عن محارمه ..

5- حضر ضيفان أمريكيان لزيارتنا ، كانا رجلا مريضا فى الستين من عمره وزوجته .. تم احتجازهما فى مطار القاهرة لثلاث ساعات فى مكانين مختلفين فى مطار القاهرة .. كان الرجل المريض يرتجف عندما أخذونى داخل المطار لمشاهدته ويطلب منى سرعة إحضار الدواء من زوجته ، ذهبت إليها فوجدتها تبكى واقفة ولا تعرف أسباب ذلك .. تم استدعاؤنا مرة أخرى فى مقر أمن الدولة بعد أسبوعين من ذلك حيث تعرضنا إلى معاملة مهينة بتركنا ننتظر فى غرفة قذرة وضيقة وبلا مقاعد لمدة ساعة بينما كان الضابط يجلس فى غرفته لمشاهدة التلفزيون ..
كان هذا يدل بما لا يدع مجالا للشك أن تليفونى مراقب على مدار الساعة ، فقد جرت عدة مكالمات تحضيرية مع ضيفىْ فى أمريكا قبل حضورهما ، ولهذا كانوا فى انتظارهما فى المطار للتحرش بهما ..

6- قابلت كل الأفعال السابقة بالصبر فلجأت أجهزة الأمن إلى التصعيد بوسيلة تجبرنى فيها على زيارتهم بصفة دورية .. أرسلوا لى رجالا يرتدون الزى المدنى وكانوا يعترضون طريقى فى الشارع ويعتدون على ثم يذهبون إلى قسم الشرطة ويحررون محاضر ضدى ، نسميهم فى مصر بلطجية الداخلية وهم إحدى علامات حكم الطاغية الفاسد ..

تكونت بذلك خمس قضايا ضدى ، كانت كل واحدة منها تأخذ عدة أشهر من زيارات إلى قسم الشرطة أتعرض خلالها للشتائم وسلسلة طويلة من الإهانات المختلفة وفى نهايتها أحصل على البراءة وتبدأ أخرى ، وذلك كما يلى :

القضية الأولى :
اتهمنى بلطجى بأننى قد اعتديت عليه وقد أحضر تقريرا طبيا طويلا من مستشفى حكومى .. إستغرقت القضية ما يقرب من عام ، استدعانى جهاز الأمن خلال تلك الفترة مرات عديدة وتعرضت خلالها إلى العديد من الإهانات فى شخصى وفى أسرتى وفى البلد الذى أحمل جنسيته ، ثم حصلت فى النهاية على البراءة من القاضى !

القضية الثانية :
تعرضت إلى اعتداء من عدة أشخاص أثناء سيرى مع ابنتى التى كانت تبلغ ثمانية أعوام .. ذهبت إلى قسم الشرطة لعمل محضر بالواقعة .. كانت الدماء تغطى وجهى وملابسى وكانت عيناىْ متورمتان وفى احمرار داكن وحولهما طوق من الجلد الأزرق من شدة الضربات .. أنتظرت خارج مكتب الضابط لساعة ونصف وأجبرنى الانهيار العصبي الذى تعرضت له إبنتى - حيث بالت على نفسها وفقدت النطق وأصابتها رعشة شديدة - من جراء إصابتى وكذلك مناظر الجنود بسلاحهم إلى الذهاب بها للمنزل لإسعافها ثم العودة إلى القسم لعمل محضر بما حدث ..

أرسلنى الضابط إلى المستشفى لعمل تقرير طبى ورغم فداحة الإصابات إلا أن الطبيب ذكر غير الواقع وسجل فى تقريره أنها إصابات طفيفة .. فى قسم الشرطة كتب الضابط فى المحضر بأننى لا أحمل إثبات شخصية ، سألته عن سبب ذلك على الرغم من جواز السفر الأمريكى الذى كان فى يدى ، أجاب بأن الشاذين جنسيا فقط يحملون هذا الجواز .. طلب منى التوقيع على المحضر بكتابة إسمى فقط فى آخر صفحة ، فهمت غرضه على الفور فقمت بكتابة جنسيتى ثم رقم جواز السفر الأمريكى ثم إسمى ..

أدركت أن الضابط قد يمزق تلك الصفحة ويزور توقيعى فقمت بتكرار ما فعلت فى الصفحات الأخرى .. فى اليوم التالى ذهبت لاستخراج صورة من المحضر وفوجئت بأن الضابط قد قام فعلا بالتخلص من الصفحة الأخيرة .. بقى التناقض الذى يحمله المحضر الذى أحتفظ بأصل منه - حيث يدعون أننى مجهول الشخصية فى الصفحة الأولى رغم ما كتبته فى صفحات أخرى - يسخر من غباء جهاز أمن الطاغية وتآمره ..

القضية الثالثة :
كانت إتهامى بالاعتداء على تلميذ فى الثانية عشر من عمره بسكين أثناء ذهابه إلى المدرسة ودعموا أقوالهم بتقرير طبى أيضا .. كان المثير للسخرية أن الطفل يبعد مسافة ساعة ونصف بالسيارة عن منزلى ..

القضية الرابعة :
أرسلوا لصا إلى منزلى فى يوم جمعة وفى وضح النهار وأخذ يحدث ضوضاء فى حديقة المنزل وكأنه يقول خذونى .. خرجت لأرى ماذا يحدث وأدركت على الفور أنه من عندهم .. تعرضت للاعتداء من اللص واستدعى ابنى الشرطة له حيث أنه لم يحاول الهرب فجاءت وذهبنا إلى هناك لعمل المحضر ..
حظى اللص بمعاملة كريمة من ضباط القسم حيث أحضروا له كرسيا للجلوس بينما بقيت واقفا أتلقى معاملة خشنة من أفراد الأمن .. سمعت الضابط وهو يهمس فى أذن اللص ويخبره بأن يدعى بأننى قمت بالاعتداء عليه فى الطريق العام .. خرجت متهما من القسم إلى مبنى النيابة وحظى اللص هناك أيضا بنفس المعاملة ..
حكم على بالسجن غيابيا لأنهم لم يبلغوننى بموعد الجلسة وعندما قمت بالاستئناف وضعنى أمن المحكمة فى قفص الإتهام مع الأحداث ، وحصلت على البراءة التى لم يكن كسابقاتها أى طعم ..

كنت قد وصلت بانتهاء القضية الرابعة إلى حالة من اليأس بسبب محاولاتنا المستمرة مع المسئولين بالدولة كى تتوقف تلك الانتهاكات ، وقد بلغت تلك المحاولات ثمان ..

كانت هناك خمس محاولات مع مسئولى الداخلية فى وزارتهم حيث كنت أرجو الكبير والصغير هناك أن يتركوننا وشأننا نعيش فى سلام بدون مضايقاتهم .. كانت هناك محاولتان مع وزارة العدل بسبب الاهانات التى كنت أتعرض لها على أيدى مسئولى النيابة والتى كان منها رفض رئيس النيابة دخولى مكتبه مع جواز سفرى الأمريكى لأنه – كما زعم – يمثل " دولة قذرة " ..
المثير للسخرية أن مسئول وزارة العدل الذى كنت أشتكى له – وكان قاضيا متقاعدا – قد أيد ما فعله رئيس النيابة وردد ما قاله لى زاعما بأن ما فعله رئيس النيابة هو أقل شىء يفعله إنسان وطنى ، فشلت فى إقناعه بأن على رجل القانون أن يضع مشاعره جانبا عند تطبيقه .. أما المحاولة الثامنة فكانت ذهابى إلى مكتب شكاوى الجماهير فى قصر عابدين وحررت هناك شكوى بما أواجه ، لكنهم كانوا يغلقون التليفون فى وجهى فى كل مرة أثناء متابعتى للشكوى ..

لماذا لم أذهب إلى السفارة الأمريكية وأشتكى لهم بما أتعرض له فى مصر ؟! ..
إجابتى أن ذلك كان لسبب واضح وهو أن الحكومات الأمريكية كلها كانت تتغاضى دائما عن تلك الأحداث فى حالة وجود مصالح إستراتيجية لها فى مكان الاعتداء .. ربما تذكرون قتل الأمريكيين فى جواتيمالا وتشيلى والأرجنتين وغيرها من البلاد على أيدى حكومات الطغاة فى تلك البلاد والذين كانوا يخدمون المصالح الأمريكية فى مرحلة الحرب الباردة .. سوف تثبت الأحداث التالى ذكرها الصدق المطلق على كلامى هذا ..

لقد حصل كل طاغية بالمنطقة على شهر عسل فى إطار سياسة " الحرب على الإرهاب " التى وضعها " قاتل الأطفال بوش " ، وتسابق على تطبيقها طغاة الشرق الأوسط ، كى ينالوا الرضا ويحصلوا على الدعم الأمنى والسياسى منه فيبقوا فى مناصبهم فوق صدور شعوبهم ترهيبا وفسادا وتزويرا ..
إذا كانت زوجتى مع إبنتىْ يرتدين الزى الإسلامى ، فإنكم تستطيعون فهم صمتى وعدم ذهابى إلى السفارة للشكوى خوفا من " تهم الدولاب " التى قد تكون فى انتظارى وباتفاق بين الطرفين .. أسهل تلك التهم هى أن يدعون أننى من الخلايا النائمة للقاعدة أو أننى أنتمى إلى تشكيل إرهابى .. القائمة طويلة والأطفال فى مدارسهم الابتدائية قد أصبحوا يحفظونها عن ظهر قلب !

القضية الخامسة :
بدأت بعد أسبوع من انتهاء القضية الرابعة وتحديدا فى 9 فبراير 2005 ، كانت تمثل فحشا وفجرا بكل ما تحمل الكلمتان من معنى .. فى العاشرة من صباح اليوم المذكور حضرت عناصر الشرطة إلى منزلى ، خرجت لمعرفة سبب ذلك فوضعوا الحديد فى يدى وسرت معهم فى الشارع لربع ساعة حتى وصلت إلى قسم الشرطة ..
كانت نظرات الناس فى الشارع تمثل ألما شديدا لى بسبب فداحة الظلم الذى أتعرض له دون ذنب فعلته .. بعد ساعتين من الوقوف مقيد بقسم الشرطة وتعرضى للإهانات والسباب قاموا بعمل المحضر والذى كان اتهاما بالاعتداء أيضا على أحد الأشخاص .. خرجت من القسم إلى مبنى النيابة بنفس الطريقة مقيدا وسيرا حيث أمر وكيل النيابة - ابن الثانية والعشرين - بوضعى فى الحجز فعدت مرة أخرى مقيدا وسيرا إلى قسم الشرطة .. فى المساء ذهبت إلى مبنى النيابة مجددا مقيدا وسيرا ثم أعادونى مرة أخرى مقيدا وسيرا إلى القسم حيث تعرضت إلى اعتداء من عدة أفراد من جهاز الأمن والذين كانوا يرتدون الملابس المدنية ..

كانت تلك القضية تحمل جديدا وهو القيود الحديدية والسير بى فى الشارع لأطول فترة ممكنة والاعتداء الذى تعرضت له .. كان واضحا أنهم يدفعوننى إلى الانهيار أو الانتحار ، لكن مسئوليتى تجاه أسرتى وإيمانى بالله كان الحائط الذى استندت عليه ..

فكرت أثناء تواجدى مساء داخل الحجز فى طريقة أثبت فيها وجودى الغير مبرر فى ذلك المكان ، طلبت من زملاء الحجز أن يكتبوا عناوينهم وأسماءهم فى ورقة بحجة زيارة أسرهم عقب الإفراج عنى .. كتب العديد منهم اسمه وعنوانه والسنوات التى قضاها فى السجن ، حصلت بذلك على ورقة تثبت وجودى الغير مبرر هناك ، وما زلت أحتفظ بها ..

انتظرت لثلاث ساعات فى قيودى أمام مكتب مأمور القسم والذى كان مشغولا بمشاهدة مباراة كرة قدم للفريق المصرى وفى منتصف الليل سمح لى بمقابلته .. أقسمت له بأننى سأذهب إلى القصر الجمهورى غدا وعقب الإفراج عنى لتقديم شكوى بما أواجه لأن الصمت إزاء ما يفعلون يمثل جرما أرتكبه فى حق نفسى وأسرتى .. كنت قد أخبرت وكيل النيابة أيضا بذلك بسبب الإهانات والشتائم التى قالها لى فى مكتبه وكذلك بسبب تعمده رمى جواز سفرى الأمريكى على الأرض والمرور فوقه عدة مرات ، لكن الملفت للنظر أن كلاهما - أى مأمور قسم الشرطة ووكيل النيابة - لم يهتما ، كان ذلك يمثل دليلا على أن ما أتعرض له يتم بأوامر من جهات عليا ..

10 فبراير 2005 :
ذهبت إلى القصر الجمهورى بمصر الجديدة واصطحبت معى زوجتى وأطفالى حتى لايقتلوننى هناك بحجة محاولة اغتيال رئيس الجمهورية .. كنا هناك فى الواحدة ظهرا وكانت معنا شكوى فى غاية الأدب ..

لم نكن نأمل بأكثر من مقابلة ضابط صغير فى العشرينات من عمره كى يأخذ رسالتنا ويعدنا - دون أن يعتذر - أن نعيش فى سلام ودون مضايقة من جهاز الأمن المصرى ..

أحاط بنا رجال الأمن قبل أن تقترب سيارتنا من القصر ، خرجت لهم ومعى الشكوى وجوازات سفرنا فاصطحبونى إلى داخل المجمع السكنى للطاغية الفاسد وهو فى مواجهة القصر ..
بقيت هناك محتجزا حتى الحادية عشر مساء وكان معى أحد ضباط الحماية الخاصة لمبارك وكان برتبة رائد واسمه عمرو الشافعى ، ثم حضرت عناصر أمن الدولة التى نقلتنى إلى قسم شرطة مصر الجديدة ..

تعرضت فى مكان اعتقالى - بعد تجريدى من ملابسى - إلى تعذيب شديد أدى إلى انفصال فى شبكية عينى اليمنى ، لم يفلح التدخل الجراحى فى إزالة عتامة بها ستكون أبدية ، ثم أفرج عنى قبل الفجر .. علمت من زوجتى عند عودتى أنها والأطفال كانوا ينتظرون حتى الثانية صباحا أمام قسم الشرطة واضطرت إلى العودة إلى المنزل بسبب بكاء الأطفال الناتج من قسوة البرد واحتجازهم لأكثر من نصف يوم فى السيارة دون طعام أو دورة مياه ..

أصبحت الأمور أكثر وضوحا ، كنت أظن أن رئيس الجمهورية لا يعلم بما يفعلوه معى لكن ما حدث لى بالقرب منه يدل على أنه أعطى الأوامر بذلك .. أصبحت بذلك قضيتى معه شخصيا وليس مع رجال الأمن .. لكن المثير هو أن السفارة قامت عقب ذلك بقطع معاشى عن شهر فبراير والذى أتقاضاه بسبب إصابتى ، وقد امتد هذا القطع لشهور عديدة ..

زادت المؤامرة بذلك فى وضوح أبعادها ، لقد اتصلت أجهزة الطاغية الفاسد بالسفارة الأمريكية لمعاقبتى فلبت لهم طلبهم وقامت بقطع معاش أطفالى وتناست أننى أتقاضى هذا " الفتات " بسبب دمائى التى أنقذت بها طفليْن أمريكييْن من الموت المحقق ..

كانت النتيجة الإيجابية الوحيدة من رحلتنا إلى القصر الجمهورى هى توقف حملات البلطجة بعد أن بينت رحلتنا إلى قصر العروبة عن سيناريو محتمل قد يدفع بالأمور إلى المجهول .. الدليل على ذلك هو أنهم تخلصوا من محضر تلك القضية ولم أتمكن من الحصول على أصل له رغم محاولاتى العديدة .. لكن فداحة ما فعله أمن الدولة معى فى 10 فبراير كان يستوجب الرد ..

5 سبتمبر 2005 :
كان يوم القصاص من الطاغية الفاسد ومهما كان الثمن الذى سندفعه لذلك .. قبل فجر هذا اليوم وضعت شعارات كبيرة الحجم وكثيرة العدد على منزلى تندد بالطاغية الفاسد بسبب الدمار الذى أحدثه بمصر فى البشر والشجر الحجر .. توجهت قبل الضوء إلى القاهرة ومعى زوجتى وأطفالى قاصدين قصر العروبة مرة أخرى .. فى التاسعة إلا الربع صباحا وفى لمح البصر خرجنا من سيارة أجرة توقفت أمام بوابة القصر بعد أن أخبرت السائق أن قائد أمن البوابة هو شقيقى وينتظرنى لأمر هام ..
رفعنا على الفور وفى ثانيتين شعارا كبيرا يصف مبارك بأنه دكتاتور ومخرج هزلى وزعيم عصابة حولت مصر إلى سجن كبير وبأن مصيره سيكون إلى جهنم ومزابل التاريخ .. تحدينا عشرات العناصر من الحرس الجمهورى أن يطلقوا الرصاص علينا .. تجمعوا حولنا بأعداد كبيرة وكانوا فى صدمة مما يحدث خاصة بعد أن علموا أننا نحمل جوازات سفر أمريكية ..

خرج الطاغية الفاسد بعد نصف ساعة فى موكبه المحصن من المجمع السكنى وتوقف ليقرأ ما رفعناه أمام بوابة القصر .. أرسل العديد من الرسائل عبر جنرالاته والذين لم يغادروا المكان يطلب منا الدخول لمقابلته ، رفضتها جميعا وأكدت لهم بأننا لن نبرح مكاننا إلا بالعنف أو بإحضار مندوب من السفارة الأمريكية ..

جاء زكريا عزمى - وزير شئون القصر الجمهورى - محاولا إدخالنا القصر لمقابلة الطاغية الفاسد فرفضت أيضا وقلت له بأن رصيد من بداخل القصر فى الوفاء بوعوده لا يشجعنى على الدخول لمقابلته خاصة بعد تسع مرات حاولت فيها بكل الطرق العيش فى سلام وكان آخرها ما فعلوه معى فى 10 فبراير وعلى بعد خطوات من منزله ..
دامت وقفتنا أمام قصر العروبة لأربع ساعات تقريبا .. كانت أبواق السيارات خلالها تؤيدنا وركابها يلتقطون بكاميراتهم ما بدا لهم حلما .. اعتدى الحرس الجمهورى على الكثير منهم وأخذ أجهزة المحمول التى كانت معهم ، حتى الناس فى الأتوبيسات كانوا يهتفون لنا مؤيدين .. دفع ذلك أجهزة الأمن إلى إغلاق الشارع مما سبب ارتباكا فى طريق المطار ومناطق أخرى فأعادوا فتحه ، كان كبار الضباط حولنا بالعشرات يتصببون عرقا ويتحركون فى ذعر وعصبية ..

حضر فى الثانية عشر والنصف ظهرا إلى بوابة القصر القنصل الأمريكى كريستوفر ريتش واصطحبنا إلى السفارة وهناك جلسنا معه - فى حضور شخصية أمنية - ليعرف للمرة الأولى تفاصيل ما حدث لنا طوال السنين الماضية .. تسلم القنصل أيضا ما حدث لنا مكتوبا فى 14 صفحة بخط يدى ونصحنى بالعودة مع أسرتى إلى أمريكا واعتذر عما سببته السفارة من متاعب عندما قطعوا المعاش ووعد بإعادته مع ما سبق قطعه ، وقد حدث ما وعد به ..

لماذا لم يتدخل الأمن المصرى أمام القصر وتركنا هكذا وكأننا فى السويد ؟! ..
لقد ظل هذا السؤال لغزا على عقلى حتى تسلمت رسالتكم الأخيرة فى أكتوبر 2007 .. علمت من رسالتكم أن الطاغية الفاسد كان فى صباح يوم وقفتنا فى اجتماع غير معلن عنه مع بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى ، وضحت إذن بذلك الأبعاد ولم يعد اللغز لغزا .. لقد ظن الطاغية الفاسد – وربما معه السفارة فى القاهرة أيضا ! – أن أحد أعضاء الكونجرس الديمقراطيين قد أسر لنا بموعد اللقاء وطلب منا الذهاب إلى هناك كى يتورط الأمن المصرى فى الاعتداء علينا وهنا يتم تصعيد الموقف فى الكونجرس وتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر والتى يتمتع الحيوان بحقوق أفضل منها ..

يؤيد هذا التفسير ما كان يردده لنا جنرالات الحرس الجمهورى أثناء وقفتنا أمام القصر ، كانوا يأتون الواحد بعد الآخر ويرددون " نحن على علم تام بتفاصيل كل شىء ونعرف من أرسلكم إلى هنا " .. كنت أبادلهم بابتسامة رافضا التعليق ومفضلا إلقاء الغموض على ما يقولون للحفاظ على السيطرة الميدانية التى تحققت لى بالصدمة ، لقد كان سكوتى ذهبا خالصا..

عرضت منزلى فى مصر للبيع على الفور بغرض العودة إلى أمريكا كما نصحنى السيد ريتش .. عرفت أجهزة الأمن فى مصر عن طريق أفضل أصدقائى الذى جندوه بأننى أنوى العودة إلى أمريكا بغرض مقاضاة الحكومة المصرية على ما تعرضت له من انتهاكات ، وقف جهاز الأمن - بطرق عديدة - فى طريق بيع منزلى كى يحول بينى وبين مغادرتنا .. كانوا يرهبون كل من يأتى لشراء المنزل ، كانوا أيضا يرسلون بضباطهم كمشترين مزيفين ليجلسوا معى لدراسة شخصيتى ويتجولوا بحرية فى أرجاء المنزل ، وربما تركوا ميكروفونات فى غرفه ..

لجأت إلى حيلة جعلت أجهزة الأمن تشتعل غضبا حيث أجبرتهم فيها على كشف هوية المشترين المزيفين حتى يتحققون من وجود تلك الحيلة .. تأكدوا لاحقا من عدم صحتها لكن الثمن الذى دفعوه مقابل ذلك كان فادحا بانكشافهم ، وأصبحت المباراة بيننا فوق الطاولة ..

مايو 2007 :
كنت قد فقدت الأمل فى بيع منزلى فأرسلت رسائل إلى العشرات من أعضاء مجلس الشيوخ وأخبرتهم بما أتعرض له من انتهاكات فى مصر .. كنتم ضمن هؤلاء وتسلمت منكم ومن أعضاء آخرين الردود التى عبرت عن الإنزعاج ، كما أخبرنى أحد أعضاء مجلس الشيوخ فى رسالته بأنه لن ينسى آلامى عندما تحين ساعة الحساب مع الحكومة المصرية .. فى 12 يونيه 2007 قام الكونجرس الأمريكى باتخاذ قرار بتجميد 200 مليون دولار من أموال برنامج المساعدات المقرر للحكومة المصرية ..

18 يونيه 2007 :
كنت مع زوجتى فى أتوبيس عام بالطريق الصحراوى فى طريقنا إلى مطار القاهرة لنستقبل د. عبد الوهاب المسيرى الذى كان عائدا من رحلة علاج فى أمريكا .. لقد رفض الطاغية الفاسد علاج الأستاذ الدكتور الفقير رحمه الله والذى درس فى جامعة كولومبيا لأنه كان يعارضه ، بينما وضع ثروة البلاد فى حساب عائلته ودفع بفئران السفينة ليكونوا ربانها من بعده ليضمن إغلاق ملفى الفساد وحقوق الإنسان فى عهده ..

يعلم الطاغية الفاسد جيدا أن شعب مصر لم يعطه القبول أبدا - والذى هو أساس الشرعية عند القائد الحر والنزيه - وأطلق عليه النكات التى تليق به منذ أن كان نائبا .. كان رده - حين تمكن بعد أن تمسكن - هو إذلال الشعب وتجويعه لترويضه واعتقال وتعذيب أبنائه ونهب أو تبديد مقدراته ونشر الدعارة والمخدرات وثقافة التسطيح وكرة القدم لتحقيق سياسة الإشغال ثم أخيرا تجاوزه الخط الأحمر وملامسته سقف المحرمات بتعدياته على الدستور الذى عبث به بغرض توريث مصر لنسله ، لعنه الله ..

اعترضت سيارة أمنية طريق الأتوبيس العام وصعد إليه رجلان بملابس مدنية وأخرجانى مع زوجتى بعد أن اعتديا على أمام الركاب وأخذا جوازىْ سفرنا الأمريكييْن .. أخبرنى ضابط القوة الأمنية عندما خرجت لمقابلته بأننى أسبب لهم صداعا منذ عدة أسابيع ومن الأفضل لى أن أغلق فمى حتى لا أدفع الثمن غاليا .. عدنا إلى الأتوبيس الذى كان منتظرا وأعطانى أحد الركاب رقم تليفونه واسمه فى ورقه بناء على طلبى كى يشهد معى بما رأى ..

لم تكن الأمور تحتاج إلى ذكاء شديد كى أدرك أن الخارجية الأمريكية التى تلقت رسائل عديدة من أعضاء مجلس الشيوخ - ومنها ثلاث رسائل منكم – قد أخبرت السفارة فى القاهرة بأننى السبب فى قرار الكونجرس سالف الذكر فقامت السفارة بإبلاغ ذلك إلى الحكومة المصرية التى أرسلت السيارة الأمنية عندما كنت فى الأتوبيس العام ..

20 يونيه 2007 :
قررت الرد على رسالة الداخلية المصرية .. ذهبت مع أسرتى إلى مبنى وزارة الداخلية فى الثانية ظهرا ورفعنا شعارا يندد بانتهاك حقوق الإنسان .. تعرضت وأطفالى للاعتداء وهجمت علينا الكلاب البوليسية بنوعيْها وشاهدت ابنتىْ - 13 سنة ، 11 سنة - على الأرض وقاموا باعتقالى وابنى القاصر والذى كان يبلغ 15 سنة ..
ذهبت زوجتى مع طفلتىْ إلى السفارة الأمريكية لإبلاغهم بما حدث لنا .. تم نقلنا فى سيارة مدنية إلى قسم الشرطة القريب وهناك قاموا بوضع كل منا فى مكان منفصل .. فى حوالىْ الرابعة عصرا حضر إلى القسم أربعة من موظفى السفارة لمقابلتى ، كانوا رجلين وامرأتين وأعرف أسماءهم وأشكالهم لأننى طلبت منهم الإطلاع على هوياتهم لتجنب خديعة الأمن المصرى .. أخبرتهم بصورة مختصرة بما أواجه فى مصر كما أخبرتهم بما حدث فى الأتوبيس العام وبوجود ورقة بها اسم وتليفون شاهد بالأتوبيس مع زوجتى ..

سمعت صراخ طفلى فى طريق عودتى إلى مكان احتجازى ، ناديت عليه فأخبرنى باكيا أنه يتعرض للتعذيب على يد أفراد الأمن .. دفعت الحارس وعدوت باتجاه الغرفة التى كان موظفوا السفارة بها .. أخبرتهم بما يحدث مع ابنى القاصر ، لكنهم لم يهتموا بما قلت وكأن على رؤوسهم الطير ..

بقيت وطفلى فى مكانيْن منفصليْن حتى منتصف الليل ، ثم التقينا .. كانت هناك بعض آثار الدم على ملابسه وعلمت منه أنه نزف من أنفه من جراء تعذيبه .. قاموا بترحيلنا على الفور بأسلوب مهين إلى مبنى النيابة وظللنا هناك فى تحقيقات منفصلة حتى الرابعة صباحا ثم عدنا إلى قسم الشرطة وظللنا واقفين هناك لمنعنا من النوم ، كانوا يفتحون باب الغرفة التى كنا بها كل دقائق كى يتأكدوا من وقوفنا وعدم نومنا ..

21 يونيه 2007 :
وقفنا فى الثامنة من صباح هذا اليوم مقيديْن بالحديد مع حوالى عشرين من المتهمين أمام قسم الشرطة .. تحركت بنا سيارة كبيرة للشرطة فى التاسعة ، كانت ذات صندوق من المعدن وبها ثقوب قليلة لدخول الهواء ، كان جميع المتهمين مقيدين داخلها بالحديد ..
تركنا السائق والحرس لساعة لشرب الشاى أمام أحد القهاوى وكاد المعتقلون يختنقون من قلة الهواء وحرارة الشمس الناتجة من الصندوق المعدنى للسيارة ، نزل جميع المتهمين إلا واحد إلى مديرية أمن القاهرة ثم تحركت بنا السيارة ، توقفت أمام مبنى مباحث أمن الدولة بالقاهرة ونزلنا .. إنه أحد أشهر مراكز التعذيب والقتل فى العالم ويعرفه قاتل الأطفال بوش جيدا لكثرة زبائنه داخله ..
قبل أن ندخل إلى المبنى قاموا بتقييدنا من الخلف ثم وضعوا الأغطية على وجوهنا ونزلنا بمساعدة عناصر الأمن بعض السلالم وكان بدروما .. قيدوا أيادينا نحن الثلاثة من الأمام ونزعوا الغطاء عن وجوهنا ووضعونا بجانب ماسورة مجارى مكسورة .. كان الجو داخل البدروم شديد الحرارة والرطوبة ومنعدم للهواء وكأن المكان كان مغلقا منذ سنوات ..
بدأنا نسمع صراخا وبكاء ناتجيْن عن تعذيب المعتقلين ، بعد ساعة أو قليل دخل ابنى فى حالة إغماء وساعدنى زميل الاعتقال فى إنقاذه .. كان زميل الاعتقال فى حالة صحية سيئة وحرارته مرتفعة للغاية من جراء طعنه منذ يومين بسكين فى وجهه من قبل أحد ضباط القسم .. فى حوالى الواحدة ظهرا جاء رجل أمن وقيد زميل الاعتقال من الخلف وغطى وجهه وصعد به عبر سلم البدروم إلى الدور الأول .. بعد فترة قصيرة جاء رجل الأمن وفعل الشىء نفسه معى وابنى ، لكننا لم نصعدا إلى الدور الأول بل ذهبنا معه خارج البدروم ..

تعرضت وطفلى فى غرفة خارج البدروم إلى تعذيب شديد ، كنا نسقطا من شدة ضرب الأقدام وكانوا يصرخون فينا ويطلبون سرعة الوقوف فنفعل فيتسابقون فى ضربنا فنسقطا فيصرخون بسرعة الوقوف .. كانوا يقولون لنا بأن لديهم أماكن كافية بالمبنى لكل الأمريكيين .. لم يكن طفلى قادرا على الوقوف سريعا من جراء حرماننا من الطعام والشراب والنوم ليومين وزادت القيود الخلفية والغطاء على وجهيْنا فى سوء الوضع الصحى لنا .. كان يصرخ ويبكى بشدة وكان ذلك يقتلنى ألف مرة ..
كنت أعلم أن الطاغية الفاسد يحمل حقدا دفينا علينا بسبب ما رفعت من شعارات على منزلى وأمام قصره وبسبب رفضى دخول القصر لمقابلته ، لكننى لم أكن أتصور أن هذا الجبان المختفى فى حصونه خلف أجهزته القمعية بعيدا عن غضبة شعبه المقيد فى النفق المظلم سيفعل ذلك مع طفلى القاصر ، لعنه الله ..

عدنا إلى البدروم بعد فترة من التعذيب الشديد .. فشل ابنى فى السير إلى البدروم فقاموا بجذبه من ملابسه إلى هناك .. وصل زميل الاعتقال بعد حوالى الساعة محمولا من عدة أشخاص حيث ألقوه أمامنا ، لم يتحرك من مكانه وشعرت بأنه يحتضر .. دخل ابنى فى إغماء ثان وبدأ زميلى فى فتح عينيه وشاهدنى أقوم بإنقاذ ابنى ..
أقسم زميل الإعتقال لى على أن يشهد بما رأى إذا كتب الله له الحياة حتى لو أدى ذلك إلى قتله .. غادرنا مبنى مباحث أمن الدولة فى السابعة مساء عائدين إلى قسم الشرطة ، أفرجوا عن زميلى فى الحادية عشر مساء بينما غادرت قسم الشرطة فى حوالى الثالثة فجرا مع ابنى عائديْن إلى منزلنا ..
أخبرتنى زوجتى عندما عدت إلى المنزل أن السفارة قد أتصلت بها أمس – 21 يونيه – وطلبت منها أن تتصل بشاهد الأتوبيس كى يدلى بشهادته فى قسم الشرطة .. أدركت على الفور الخديعة التى تعرضت لها زوجتى من قبل السفارة ..

لقد تعاونت السفارة مع الأمن المصرى فى الوصول إلى رقم تليفون الشاهد ، فبعد أن قامت زوجتى بالإتصال به وصلوا إلى رقمه وهددوه إذا فتح فمه .. أردت أن أتأكد من هذا السيناريو فقمت بالاتصال به من تليفون خارجى فرفض الحديث معى وأغلق تليفونه !

25 يونيه 2007 :
ذهبت وأسرتى إلى السفارة الأمريكية لأنهم كانوا قد أخبرونا فى اليوم السابق تليفونيا بأنهم سيرسلون معنا مندوب ليحضر جلسة النيابة التى ستعقدها فى التاسعة صباحا مع زوجتى وابنتىْ .. لم تف السفارة بوعدها واضطررنا إلى الذهاب إلى مبنى النيابة وحدنا حيث تعرضنا إلى معاملة خشنة هناك بإجبارنا على الوقوف لست ساعات فى منطقة للقمامة ..
تقابلنا مع وكيل النيابة فى الثالثة ظهرا ورفض كتابة ما تعرضت له مع أسرتى سواء الاعتداء علينا أمام وزارة الداخلية أو التعذيب الذى تعرضت له مع ابنى القاصر فى مركز أمن الدولة بالقاهرة ، كما سخر أيضا منا وقال أن هذه أول مرة له فى عمله يشاهد فيها أجانب دون مندوب معهم من سفارتهم ..

27 يونيه 2007 :
ذهبت مع زوجتى إلى السفارة لإخبارهم بما تعرضت له من تعذيب مع طفلى فى مركز أمن الدولة بالقاهرة .. كانت السفارة مغلقة أمام الجمهور وقد أعطانا ذلك وقتا للجلوس مع القنصل الأمريكى – السيدة ناتاشا – وحضر اللقاء ثلاثة من الموظفين الأربعة الذين قابلتهم فى قسم الشرطة .. أخبرت السيدة ناتاشا بتفاصيل ما فعلوه معى وابنى القاصر ، كما أخبرتها أيضا بوجود شاهد يعمل ضابطا فى مركز أمن الدولة ويرغب فى الإدلاء بشهادته فى السفارة ..

أخذت السيدة ناتاشا لحظات صمت من وقع المفاجأة ثم أدركت رافضة فكرة حضور الشاهد إلى السفارة وطلبت الاكتفاء بثلاثة شهادات مكتوبة منا ( الشاهد ، أنا ، ابنى ) .. لم يكن الشاهد ضابطا ولكنه كان زميل الاعتقال وتعمدت إخفاء هويته حتى لا تقوم السفارة بإبلاغ الأمن المصرى فيتم اعتقاله قبل أن أستفيد منه ..

9 يوليو 2007 :
ذهبت إلى السفارة مع زوجتى وكانت معنا الشهادات الثلاث .. كانت شهادة زميل الاعتقال بتوقيعه وبصمة يده مع صورة من بطاقته حتى أغلق أمامهم كل الذرائع .. كانت السيدة ناتاشا تقف فى شباك رقم 3 ومعها إحدى الموظفات التى كانت ضمن الأربعة السابق ذكرهم .. تسلمت تلك الموظفة منى الشهادات الثلاث وبحضور السيدة ناتاشا ثم طلبت منا الانتظار فى أحد المقاعد .. بعد حوالى الساعة جاء إلينا ثلاثة من الموظفين الأربعة ومنهم تلك الموظفة وجلسوا معنا لنصف ساعة تقريبا .. طلبوا منا ضرورة مغادرة مصر، قلت لهم بأننى أود ذلك اليوم وليس غدا.

طلبت منهم " يائسا " عدة مرات إعطائى أصل شهادة زميل الاعتقال على أن يحتفظوا بصورة منها فرفضوا ذلك وبإصرار .. طلبت منهم " يائسا " عدة مرات أيضا إعطائى صورة منها على أن يحتفظوا بالأصل فرفضوا ذلك أيضا وبإصرار
..
غادرت السفارة والأمل يراودنى فى أن يكون الصيد قد دخل القفص ولا توجد أمامه إلا خطوة واحدة وهى أن يلتهم الطعم الذى صنعته له فيغلق الباب على نفسه ويثبت بخط يده تآمره مع الطاغية الفاسد على تعرض حياة أسرة أمريكية بأطفالها القصر للتعذيب الوحشى ..

بدأت على الفورحملتى الثانية مع الكونجرس بمجلسيْه دون أن أتهم السفارة بأى اتهام ، كما أرسلت أيضا رسالة إلى بوش .. تساقطت رسائل أعضاء الكونجرس على رأس الخارجية فى واشنطن تطلب تفسيرا لما يجرى فى مصر وكان أحدها رسالة منكم ، وكما تعلمون فإن الكونجرس قد اتخذ فى نهاية ديسمبر 2007 قرارا ثانيا بتجميد 100 مليون دولار أخرى لمصر ..

ادعت الخارجية الأمريكية على لسان أحد كبار موظفيها فى رسالة لكم بأكاذيب كثيرة ، كى تغطى على جرائم النظام الطاغى لحليفها فى القاهرة .. إننى أشكركم على إرسالكم أصل هذه الرسالة لنا والتى كان لها عظيم الأثر فى كشف الكثير من ملابسات المحنة التى تعرضت لها وأسرتى فى مصر ..
وحتى يتضح حجم التواطأ بين الحكومتين على تعذيب أسرة أمريكية بما فيها من أطفال قصر فإننى سأذكر سريعا بعض النقاط الهامة التى وردت فى رد الخارجية الأمريكية عليكم مع تعليقى عليها وذلك مع بعض النقاط الأخرى:

1- تضع الخارجية الأمريكية صورة سيئة لى فى مقدمة رسالتها لكم كى توحى بأننى صانع للمشاكل حيث تقول لكم بأننى قد ذهبت مع أفراد أسرتى فى 2005 إلى القصر الجمهورى أثناء إجتماع رئيس الجمهورية مع بعض أعضاء الكونجرس بغرض التظاهر وتضيف بأننا فى 2007 فعلنا الشىء نفسه أمام وزارة الداخلية المصرية ..
لابد أن هناك سببا أو أسبابا تدفع بأسرة كى تقوم بهذا العمل الغير مألوف وفى هذيْن المكانيْن الحساسيْن ، خاصة فى دولة يحكمها طاغية فاسد ومزور يعذب الكثير من أفراد شعبه فى المعتقلات حتى الموت ..

الخارجية الأمريكية تتعمد عدم ذكر تلك الأسباب التى دفعتنا إلى ذلك رغم علمهم الكامل بتفاصيلها من خلال 14 صفحة بخط يدى تسلمها القنصل ريتش فى 5 سبتمبر 2005 ..

على أية حال فإن التحقيقات العادلة - تحت القسم - مع السيد ريتش ومع عنصر الأمن الذى كان حاضرا ومع عنصرى المارينز الذيْن كانا على باب الغرفة ستكشف وبوضوح عن سنوات العذاب التى قضيتها فى مصر قبل التاريخ المذكور ، كما أن أصل القضايا الملفقة سالفة الذكر التى معى وأوراق زملاء السجن وعينى اليمنى المعطوبة تبين كلها وبشفافية لا غموض فيها ما حدث لنا طوال تلك السنوات ..

2- لم تذكر الخارجية الأمريكية - المتواطأة - لكم أنهم قطعوا معاشى منذ فبراير 2005 وبعد أيام من ذهابى بشكوتى إلى قصر العروبة حيث كنت أظن - بسبب حسن نيتى وعدم توقعى للغدر بى - أن رئيس الجمهورية لا يدرى بما أتعرض مع أسرتى من انتهاكات .. لقد امتد قطع معاشى لشهورعديدة بغرض إدخال البهجة فى نفس الطاغية الفاسد ، وكأن السفارة لم تكن تعلم عن تعذيبى عاريا فى هذا اليوم وبالقرب من منزله وإعطاب عينى من كثرة ضرب أحذية عناصر الأمن وترك أطفالى وزوجتى يبكون فى الشارع فى برد الشتاء القارص لنصف يوم حيث كانوا ممنوعين من الخروج من سيارتنا التى كانت تقف أمام مركز الإعتقال ..

هل لدى الخارجية الأمريكية - الكاذبة - أسباب لقطع معاشى لشهور طويلة ؟! وماهى أسباب عودته ؟! .. ربما يبررون ما حدث بعطل ما حدث لجهاز الكمبيوتر لأكثر من نصف عام فاختارنى دون غيرى ، ثم استرد عافيته بعد لقائى بالقنصل ريتش !! ..

3- هناك احتمالية كبيرة وظاهرة تدل على أن السفارة الأمريكية قد أخبرت الحكومة المصرية بأن الفاكسات التى أرسلتها فى مايو 2005 إلى أعضاء مجلس الشيوخ - ومنهم أنتم - قد ساعدت على إتخاذ مجلس الشيوخ لقراره بتجميد 200 مليون دولار من أموال برنامج المساعدات لمصر .. فعندما قام الأمن المصرى بإخراجى وزوجتى من الأتوبيس العام فى 18 يونيه 2007 ثم الإعتداء على أمامها ، كان واضحا - من خلال جملة " أنت تسبب لنا صداعا منذ أسابيع " - أنهم يعلمون بالفاكسات التى أرسلتها إلى أعضاء مجلس الشيوخ ..

4- تواطأت السفارة الأمريكية مع الأمن المصرى عندما خدعت زوجتى وطلبت منها أن تتصل بشاهد الأتوبيس العام ، وعندما فعلت توصل الأمن المصرى إلى رقمه وهدده إذا أدلى بشهادته .. لقد تأكدت من هذا السيناريو فى نفس يوم الإفراج عنا من مركز مباحث أمن الدولة فى القاهرة ، فقد طلبت رقم الشاهد من تليفون خارجى فرفض الكلام معى بمجرد التعرف على إسمى وأغلق التليفون ، رغم أنه كان متعاونا إلى أبعد الحدود مع زوجتى التى تحدثت معه فى اليوم السابق ..

5- تدعى الخارجية الأمريكية فى رسالتها لكم بأننى وإبنى قد أخبرنا مندوبى السفارة الأربعة أثناء لقائنا معهم بأننا لم نتعرضا لأى أذى ..أعتقد أن التحقيقات العادلة - تحت القسم - التى يمكن أن تجرى مع الموظفين الأربعة ستبين حقيقة ما تعرضنا له ، كما أن السيدة ناتاشا - القنصل - علمت أيضا فى 27 يونية 2007 - وفى حضور ثلاثة من الموظفين الأربعة السالف ذكرهم بتفاصيل ما جرى لى ولطفلى خاصة فى مركز أمن الدولة ..

6- لم تذكر الخارجية الأمريكية لكم أنه قد تم ترحليى وطفلى القاصر إلى مركز مباحث أمن الدولة سيىء السمعة لكنها اكتفت بكلمة " إحتجاز بالبوليس " .. الغرض بالطبع هو إخفاء ذهابنا إلى هذا المبنى االذى يتمتع بسمعة عالمية فى تعذيب وقتل المعتقلين ، وتم ذلك فى بعض الأحيان نيابة عن أمريكا بوش كما أكدت التقارير الدولية ، كما يعرف كل من يعمل بمجال حقوق الإنسان داخل وخارج مصر ما يدور داخله ..

7- ذكرت الخارجية الأمريكية فى ردها عليكم أنه قد تم اعتقالى مع طفلى فى 21 يونيه 2007 ، الصحيح أن ذلك تم فى 20 يونيه 2007 ومعى أدلة رسمية تثبت ذلك ، ربما كان الغرض من هذا الخلط المتعمد هو الإيحاء بأن الإعتقال كان لعدة ساعات فقط ..

8- تقول الخارجية الأمريكية لكم بأننى أخبرت سفارتها فى القاهرة عقب الإفراج عنى بأننى تعرضت للتعذيب .. لقد تعمدت الخارجية الأمريكية - الكاذبة والمتآمرة - عدم ذكر التعذيب الذى تعرض له طفلى رغم أن حديثى مع القنصل ناتاشا فى 27 يونيه 2007 كان منصبا على التعذيب الذى تعرض له طفلى لأنه كان شديدا وأكثر مما تعرضت له بهدف كسر إرادتى .. الخارجية بذلك ظنت أنها تغلق بابا واسعا قد يجلب عليها رائحة سيتوقف عندها الكثيرون لطلب التفاصيل..

9- تآمرت السفارة الأمريكية مح الحكومة المصرية بإحضارنا وحدنا إلى المحكمة عقب إطلاق سراحى وطفلى من مركز أمن الدولة .. ففى ظهر يوم السبت 24 يونيه 2007 - يوم عطلة للسفارة - تلقينا إتصالا فى منزلنا من أحد موظفى السفارة يخبرنا بضرورة التواجد فى المحكمة فى صباح اليوم التالى للتحقيق من زوجتى وطفلتىْ ، كما أخبرنا بأن مندوبا من السفارة سيكون حاضرا معنا فى جلسة التحقيق ..
لقد رفضوا الحضور معنا عندما ذهبنا للسفارة فى الثامنة والنصف من صباح اليوم التالى - 25 يونيه - ولم يكن الوعد بالحضور معنا غير فتح شهيتنا حتى لا نتغيب ونعتمد عليهم ولا نحضر محاميا معنا كى يأخذ المحقق المصرى الفرصة كاملة لينفرد بنا ويحصول من أسرتى على ما يريد من توقيعات ..
لقد تحقق هذا الهدف المشين والمدبر بليل كاملا ، فقد تركنا وقوفا فى منطقة مخصصة للقمامة فى ردهات المحكة لمدة 6 ساعات لتحطيم معنوياتنا ، ثم جاء وكيل النيابة فى الثالثة عصرا وسخر من وجودنا وحدنا دون مندوب من سفارتنا ، ثم طلب فى النهاية من زوجتى وطفلتىْ - بعد أن وصلن إلى الإجهاد التام والإستسلام - أن يوقعن على أوراق لم يعرفوا عنها شيئا ، كما رفض تسجيل ما تعرضت لهما الطفلتان من اعتداء من الأمن المصرى والكلاب البوليسية ، وهو ما أدى إلى سقوطهما وكسر نظارة إحداهما ..

10 - تكذب الخارجية الأمريكية بعمق فى ادعائها " الكرم " حين تقول أن سفارتها فى القاهرة قد عرضت علي الفحص الطبى ، ثم تضيف بالقول بأننى " وافقت " على كتابة ما حدث وعلى إحضار الشاهد كى تعطى شعورا بمدى حرصهم وبأن الطلب قد جاء من جانبهم وبادروا هم به وليس من طرفى ..

السيدة ناتاشا رفضت عرضى - فى حضور موظفى السفارة الثلاثة - بإحضار الشاهد بعد أن فاقت من صدمتها بوجوده ! .. إذا وافق الشاهد على الخطوة الصعبة وهى كتابة ما شاهد من تعذيب تعرضنا له والتوقيع والبصم مع صورة من بطاقته ، فما الذى يمنع من إحضاره إلى السفارة - وهى الخطوة الأسهل - سوى قرار من السفارة نفسها بعدم رؤيته ؟! ..

لقد طلب الشاهد منى أكثر من مرة عند إعطائى شهادته المكتوبة بمحاولة الإتصال بالسفارة مرة أخرى بغرض إقناعهم بحضوره للشهادة أمامهم .. كان غرضه أن السفارة الأمريكية ستحميه فى حالة قيام الأمن المصرى بالبطش به إذا علموا بشهادته ، لكن هذا الشاهد البطل لم يكن يعلم بحجم المؤامرة التى كنت قد خبرتها بالممارسة الفعلية مع السفارة المتواطأة مع الطاغية الفاسد ..

11- تكذب الخارجية الأمريكية وبلا خجل عندما تقول أن سفارتها فى القاهرة لم تتسلم منى شهادة زميل الإعتقال وأن السفارة قد فقدت الأتصال بنا منذ " هذا التاريخ " ( لم يذكروا التاريخ ولكنهم قدروه بأنه بعد أسبوع من الإفراج عنى حتى يعطوا لأنفسهم مساحة كبيرة من حرية التحرك وتجنبا لأى مفاجآت قد تحدث ) ..

الحق أننى كنت أتوقع هذا الإنكار ورتبت له - كما ذكرت من قبل - بناء على خبرتى السابقة مع السفارة المتواطأة مع الطاغية الفاسد ، لهذا فإن معى أصلا آخر لشهادة الشاهد ..

كما كنت أتوقع أيضا أن تقوم السفارة بإبلاغ الحكومة المصرية فورا بإسم الشاهد للقبض عليه وربما قبل مغادرتنا لمبنى السفارة فى 9 يوليو 2007 لقطع الطريق أمامى لمقابلته للحصول على أصل آخر للشهادة منه بعد أن رفضوا إعطائى الأصل أو صورة منه وتأكد لهم - وهماً - أن لا دليل معى ..
لقد صدق توقعى هذا أيضا ، ففى مساء اليوم المذكور قمت بالإتصال به من تليفون خارجى ، فكان رقمه خارج الخدمة وظل على هذا الحال لشهور عديدة حتى فقدت الأمل فى معرفة مصيرة ، والله يعلم - والحكومة المصرية طبعا - ما إذا كان هذا الشاهد البطل ما زال على قيد الحياة أم قتل كما توقع هو نفسه لمصيره ..

أما ما يتعلق بزعمهم بأنهم فقدوا الإتصال بنا بعد أسبوع من لقائى ، فتعليقى هو أنه يوجد إثبات رسمى يدل على أننى قد دخلت إلى السفارة فى اليوم المذكور وهو 9 يوليو 2007 !! .. فقد كان من السهل عليهم أن يحذفوا صورتى مع زوجتى من الكاميرات وكذلك من دفتر الزائرين ..

ثم أليس من واجب السفارة " الكريمة " أن تبحث عن مواطنيها فى حالة إنقطاع الإتصال بهم ، خاصة فى تلك الظروف التى كنا نمر بها ، ومعلوم - كما أخبرت من قبل - أنهم قد اتصلوا بنا يوم خديعة 24 يونيه 2007 عندما تآمروا مع الأمن المصرى كى نذهب وحدنا إلى المحكمة ؟! ..

إننى أعتقد أنه لو تواجدت نفس الظروف مع أسرة تتبع سفارة دولة فيجى أو لوسوتو لقامت بالإتصال بهم لمعرفة عدم حضورهم فى تلك الظروف الغير عادية .. أظن أن وكيل النيابة كان محقا عندما سخر ضاحكا من عدم وجود مندوب من سفارتنا فى تحقيق 25 يونيه 2007 ! ..

12- رد الخارجية الأمريكية لكم كان فى منتصف سبتمبر 2007 وقد أرسلتموه لى فى أكتوبر 2007 .. لقد كتبوه لكم بعد أن تأكد لهم فى واشنطن - بعد اعتقال الأمن المصرى للشاهد بناء على إبلاغ السفارة باسمه لهم واعترافه بوجود أكثر من شهادة - أنهم فى ورطة حاولوا معها إزالة آثار المؤامرة بأسلوب أمنى شديد الإحتراف ، لكنهم فشلوا !!

4 مايو 2008 :
جاء الطاغية الفاسد لزيارة المدينة التى أعيش فيها ، ورغم أن منزلى كان بعيدا عن خط سيره إلا أنه طار فوقه ضمن ثلاث طائرات فى دورة شبه كاملة .. بعد أيام جاء قاتل الأطفال بوش فى شرم الشيخ فى زيارة لساعتين وتناقلت وكالات الأنباء الفشل الذريع لتلك الزيارة .. إننى أشعر شعور الواثق بأن ما حدث لى ولطفلى من تعذيب كان أحد أسباب هذا الفشل ، فقد اتهمه بوش بالمبالغة فى تعذيبى وطفلى القاصر بينما دافع الطاغية الفاسد عن نفسه بأنه كان ينفذ تعليمات السفارة له ..
كما أننى أشعر شعور الواثق أيضا أن رايس كانت تقف وراء إنكار الخارجية الأمريكية سالف الذكر والخاص بعدم تسلم شهادة الشاهد ، فقد نصحها السفير ريتشاردونى - رجل الأمن المحترف - بأن تنكر السفارة تسلمها لشهادة الشاهد بعد أن تأكد له بوجود أخرى لدينا بعد اعتراف الشاهد - الناتج من وشاية السفارة باسمه للأمن المصرى - وبالتالى فإن علينا أن نثبت ما ندعيه من تعذيب بعيدا عن السفارة !

لقد كانت كوندليزا رايس صادقة فى دعواها التى دشنت بها عملها الجديد فى 2005 بضرورة إدخال الديمقراطية فى الشرق الأوسط .. فهم الطاغية الفاسد على الفور بأنه المقصود بذلك فأطلق العنان لاسطوانته المشروخة فى عدة لقاءات مع الصحف الأجنبية بأن الديمقراطية فى الشرق الأوسط ستهدد مصالح الغرب ، ولكم أن تراجعوا حديثه فى صحيفة " الجمهورية " الإيطالية فى الفترة المذكورة .. لكن رايس ومعها " الإمعة " بوش واصلا طريقهما بالحديث عن إدخال الديمقراطية إلى الشرق الأوسط ..
أدار الطاغية الفاسد ظهره لهما وكأن الأمر لايعنيه فاضطرا إلى رفع الدرجة وذكراه بالإسم بأنه هو المقصود بذلك .. هنا نقل الطاغية الفاسد اللعبة فوق الطاولة ولجأ إلى أسلوب شيطانى تعلمه من الداهية يفجينى بريماكوف فى التسعينات عندما صنع من فلاديمير جيرنوفسكى فزاعة فى " الدوما " ليبتز به أمريكا خاصة والغرب عامة ويجبرهم على مساعدة روسيا اقتصاديا ..

كانت لعبة الطاغية الفاسد الصغرى فى الربع الأخير من العام المذكور عندما أدخل فى ديسمبر 2005 وبدقة عددا محدودا من الإخوان المسلمين فى البرلمان ، وقد أدت الغرض منها داخليا أيضا على الوجه الأكمل بإقناع بسطاء القوم بأن التغيير قادم عن طريق الصندوق الإنتخابى .. أما لعبته الكبرى فكانت فى يناير من 2006 عندما أوعز إلى محمود عباس بعدم تزوير الانتخابات بغرض فوز حماس لتحسين شروط التفاوض مع إسرائيل ، لكنه أبقى فى جوفه على الغرض الحقيقى من ذلك وهو دفع أمريكا إلى التذوق من كأس الديمقراطية فى الشرق الأوسط ..

جرت الإنتخابات الفلسطينية وحدثت عمليات تزوير إيجابى فى مناطق عديدة محسوبة على فتح بغرض حشد الفوز لحماس .. أدركت حماس أن النصر ملغم فأرادت أن تشرك فتح معها حتى تتجنب البطش بها فرفضت بناء على أوامر من الطاغية .. بدأ الطاغية الفاسد فى اللعب بدماء شعوب المنطقة من أجل الكرسى الذى يعشقه ويريده لسلالته من بعده .. كلما تكلمت أمريكا عن الديمقراطية تنشط اتصالات الطاغية الفاسد عبر الأنفاق مع حماس والتى كانت ترد على إسرائيل نارا بنار ، فإذا تعدت أمريكا الخط الأحمر يقوم بنقل الأسلحة النوعية إليها مثل جراد فيشتعل الموقف ..

وبينما تذكر الأنباء أن بريماكوف قد فشل فى حينه فى حيلته مع الغرب ، إلا أنه لابد أن نعترف أن الطاغية الفاسد نجح نجاحا منقطع النظير فى خديعته مع أمريكا ، لكونه أفاك أثيم ومن سلالة شيطانية بالغة التعقيد ..

أغلقت رايس عندئذ فمها بل ألحت فى طلب العون منه لوقف نشاط حماس .. أسرع وقتها بتلبية النداء بكل همة لمزاولة مهنته الوحيدة التى يجيدها وهى سمسار المنطقة السياسى ونقل الدفة إلى الطرف الآخر بحصار ظالم على غزة امتد لأكثر من سنتين ومات فيه عشرات المرضى لانعدام الدواء وجاع فيه مليون ونصف مواطن لقلة الغذاء ، ثم أعقبه بمحرقة غزة التى خطط لها ونفذتها إسرائيل وقتل فيها 1500 إنسان تقريبا وكان أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن بفعل قصفهم بأسلحة محرمة دوليا بمزاعم لا يصدقها إلا غافل أو متآمر ..

إن الطاغية الفاسد على استعداد أن يفنى أضعاف من مات فى محرقة غزة حتى تقتنعوا باسطوانته المشروخة .. هو يظن أن لا خطر عليه إلا دعوة الديمقراطية التى تطلقونها لأن مصر – فى نظره – قد ماتت ، فالشعب مقيد فى النفق المظلم بما سبق ذكره والجيش مراقب بخطوط عديدة من الإستحكامات الأمنية والدفاعية والتى آخرها الحسم الجوى فى حالة نجاح تحرك أحد تشكيلاته لإنقاذ الشعب بينما المعارضة ضعيفة ومنقسمة بل ومخترقة .. هكذا ظن من قبله بهلوى وماركوس وتشاوشيسكو وسوهارتو وشيفرنادزه وميلوسوفتش وآكاييف ، فهل أتاه نبأهم ؟!..

لقد قبلت حماس بحدود 4 يونية 1967 وهو ما يمثل 22.5 % من مساحة فلسطين التاريخية مع حل عادل للاجئين ، إنها النسبة التى لم يكن يرضى بها أكثر العرب اعتدالا والتى لم تكن تحلم بها إسرائيل .. لكن الطاغية الفاسد - والذى يعلم أنه لا حاجة له فى ظل السلام لانتهاء وظيفته كسمسار سياسيى - يساعد إسرائيل على الرفض ليبقى على صدر شعبه .. الإسرائيليون من ناحيتهم يستخدمون سياسة " التجويع من أجل التركيع " وكذلك إرهاب الدولة لتحسين شروط التفاوض ، غير مدركين أن " توازن الرعب " قد بدأ يقرع أبواب المنطقة وقد يرفع النسبة إلى قرار التقسيم على الأقل ..

شعوب العالم تعرف جيدا أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة ومنذ عقود مضت تدمن لعبة صناعة الطغاة ورعايتهم .. عليكم أنت تعرفوا أن السحر قد انقلب هذه المرة على الساحر وفى داخل منزله ودفع الثمن أبناؤه ، وأظن أنكم تدركون الآن أن العملية قد أصبحت برمتها مرشحة للتصعيد فى أى لحظة وفى مختلف غرف هذا المنزل ..
شعوب المنطقة تنتظر منكم أن تزيلوا بمكنسة قمامة الطغاة بها وتفتحوا الطريق إلى السلام ، المصلحة الأمريكية فى ذلك الطريق .. نريد من أمريكا أن تكون عادلة مع الشعوب .. أنتم تحاصرون موجابى والبشير وآخرين ممن يعارضون سياساتكم بذريعة طغيانهم مع شعوبهم ، بينما تغضون الطرف عن أصدقائكم من طغاة الشرق الأوسط وهم كثر ، رغم بشاعة وجرم ما يفعلون ..
السجون ضاقت بأعدادها فى مصر من معتقلى الرأى وتشيب الولدان من هول ما يحدث داخلها ، واسأل بذلك خبيرا .. موجابى يبدو وكأنه المسيح المخلص إذا ما قورنت أفعاله بما يفعل مبارك .. جربوا الانحياز إلى جانب شعوب المنطقة وارفعوا أياديكم عن الطغاة فيها وستجدون مصالحكم الإستراتيجية فى هذا الطريق ..

16 أغسطس 2008 :
غادرت مصر مع أسرتى عائدين إلى أمريكا لشعورى بأن طائر الموت يحلق فوق رأسى لأن الطرفين هنا وهناك قد تورطا بالوثائق فى التآمر على تعذيبى وأطفالى القصر وهما على ثقة بأننى لن أترك حقوقى .. كان من السهل على الطاغية الفاسد أن يتخلص منى ويثبت براءته من دمى ..

السيد الرئيس أوباما : إننى على ثقة بأن عملكم الجديد - وهو أقوى منصب فى العالم - لن يؤثر على العدل الذى يجرى فى دمائكم .. لقد تحملت ظلما فادحا من أطراف عدة على مدى سنوات طويلة ، وعذبت مع ابنى القاصر فى مصر فى أحد أسوأ مراكز الإعتقال فى العالم وتواطأت فى ذلك حكومتى الأمريكية مع طاغية مصر الفاسد
..

الأحداث التى وقعت لى فى مصر والوثائق التى معى ورد الخارجية الأمريكية الكاذب عليكم كلها قرائن تؤكد أن هناك مؤامرة ظالمة كنت ضحيتها ، والتحقيقات العادلة إذا جرت ستكشف المزيد .. إننى أطلب تحقيقا فيما ورد فى خطابى هذا ، فإذا ما ثبتت صحته فإننى أعلم بالمطلق بأنكم ستتخذون قرارات حاسمة لرفع هذا الظلم .

وتقبلوا فائق احترامى وأمنياتى لكم بتحقيق العدل بين الشعوب

رائف الويشى
مواطن أمريكى

عداد الموقع

Free Blog Counter